التوكل على الله

التوكل والأخذ بالأسباب لابد هنا أخي القارئ من التنبيه إلي أمور ثلاثة: الأمر الأول: أن التوكل لا يتعارض مع الأخذ بالأسباب. الأمر الثاني: يجب الأخذ بالأسباب وإن كانت هذه الأسباب ضعيفة في نفسها وتتسم بالهامشية، فعندما كان الله يريد أن يُطعم مريم عليها السلام، وهي في حالة أقصى حالات الوهن والضعف، أمرها أن تقوم بهز جذع النخلة؛ لأن علينا الأخذ بالسبب ولو ضَعُف. الأمر الثالث: عليك عدم الاعتماد على الأسباب بشكلٍ أساسي، ولكن اجعل اعتمادك على الله في البداية والنهاية، فلا يجب الاعتماد إلا على الله وحده، ومع الأخذ بالأسباب؛ لأن الله قبل كل شئ هو من يقدر الأمور بأسبابها. ثمار التوكل من الثمرات الكبرى للتوكل على الله هي النصر: فالله أمر عباده المؤمنين بالتوكل عليه بعد ذكره للنصر؛ ليدل ذلك على أنه من أسباب النصر هو الاعتماد على الله. الحفظ من أفعال الشيطان الرجيم: إن التوكل على الله في أمورك وقضاء حوائجك، لا يجعل هناك فرصة للشيطان من التأثير عليك، ويحفظك من كل سوء أو من غدر الشيطان. يقوي مبدأ الشجاعة عند العبد: فمن كان قلبه مؤمناً بالتوكل على الله فلم عليه الخوف من أحد، فالتوكل على الله يعطي العبد القوة والثقة في نفسه، والشجاعة للقيام بقضاء حوائجه. الإيمان بالحصول على الرزق: فعند توكل العبد على الله في كل أموره عندها فقط سيعلم أنه سيحصل على رزقه مهما كانت الصعوبة في ذلك، ومثال ذلك: الطير عند ذهابها للحصول على الطعام تذهب في أول النهار، وترجع إلى عشها في آخر النهار تحمل رزقها. التوكل على الله دليلٌ صريح على مصداقية إيمان العبد: فيكون عنده اكتفاء وحماية ورعاية ربانية ويفوز بمحبة الله، ولعل أعظم ثمرة للتوكل على الله هي شرف دخول جنة الله. التوكل لا يكون إلا على الله التوكل في قضاء حوائج العبد لا يكون إلا على الله، ولا يجب على المؤمن الاتكال على العبد دون الله، ويجعل ذلك فرضاً من فروض حياته، فالتوكل هو فعل القلب الذي لا يكون إلا لله.وإني أسأل الله العزيز القدير أن يجعل التوكل عليه والاستعانة به تملأ قلوبنا. أقسام التوكل أن يتوكل العبد على الله في قرارة نفسه لإصلاح نفسه، وأنه يريد الاستقامة دون النظر إلى غيره. أن يتوكل العبد على الله في إصلاح نفسه، وكذلك في نشر وتنفيذ دين الله في الأرض، والقضاء على الظلم عن عباده، والسعي إلى هدايتهم إلى طريق الصلاح، وإزالة ما أفسده المفسدون في هذه الأرض، وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أن يتوكل العبد على الله في قضاء حوائجه وأموره الدنيوية؛ كالرزق والزواج، والانتصار على العدو في معركته الحياتية، ودفع الضرر والمصائب الدنيوية. أن يتوكل العبد على الله في البعد عن الحرام؛ من ذنب ومعصية، أو الحفظ من طريق الضلال. أهمية التوكل التوكل على الله من أعظم الأخلاق التي يدعو إليها الدين الإسلامي، وهو من المقامات العليا لليقين عند العبد، كما أنه يوازي نصف الدين الإسلامي، وهو من أوسع المنازل وأجمعها، وهو مفتاح كل أمرٍ فيه خير للعبد؛ لأنه يعد من أحسن وأفضل العبادات، وهو فريضة يجب على العبد إخلاصها لله تعالى . إن التوكل من أهم شروط الإيمان بالله، وهو من أهم متطلباته، فكلما إيمان العبد كان قوياً، كان توكله على الله في أعلي مراتبه ومنازله، وإذا كان الإيمان ضعُيفاً كان التوكل ضعيفاً . فقد جعل الله التوكل عليه دليل صحة إسلام العبد، وهو من أشرف أعمال القلب، والتي هي أصل من أصول الإيمان، وهو من أعظم ما تَعْبُد به الله، ويعد التوكل على الله من أشمل أنواع العبادة ؛ لِما ينشأ عنه من الأفعال الصالحة، والتوكل مقرون بمراتب الدين الإسلامي، وهي الإيمان والإسلام والإحسان، والتوكل جليل القدر عند الله، وله تأثيرُ عظيم، وقد جعله الله من أسباب نيل محبَّته واستحقاقها. فإن التوكل على الله من أهم أصول العبادة والتي لا يتم إيمان العبد إلا به، وقد ورد في كثير من الآيات، وهو من صفات المؤمنين. ومن أهم ما يدل على أهمية التوكل على الله أن الله قد أمر به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والرسل من قبله، وجعله رمزاً لعباده المؤمنين، وسبباً لتقديم الثناء لهم. وما يدل على أهميته للعبد وعدم استغنائه عنه ظاهرٌ من عدة جهات: من جهة أن العبد فقير لا يملك شيئاً لنفسه. ومن جهة أخري، أن الأمر في بدايته ونهايته بيد الله. وعندما يتعلق العبد بأحدٍ غير الله بصورة كبيرة فذلك مضر للعبد. إن اعتماد العبد على المخلوقات وتوكُّله عليهم يوجب له الضرر. عوائق التوكل جهل العبد بربوبية الله وألوهيته، وبأسمائه وصفاته. غرور العبد وإعجابه بنفسه، وغلوه في الكبر. الاعتماد على الخلق والاتكال عليهم في قضاء الحوائج. وقوع العبد في حب الدنيا، مما يبعد العبد عن التوكُّل على الله. أمور